لكل جيل طريقته في التعامل مع الحياة.. فلا تضيقوا على أنفسكم بمجاراة الأجيال الأخرى

تدافع الأجيال سنة كونية وسلوك طبيعي لم يخلُ منه زمان، ولا يزال الجيل السابق يتغنى ببطولاته وتميز زمانه أمام الجيل اللاحق، فما أكثر ما نستمع إلى مقوله “الزمن الجميل” وكأنه زمان عاشه القائل بلا كدر أو هم. في الحقيقة كل واحد منا عندنا يصف زمانه الجميل فهو يستحضر فترة طفولته أو شبابه، وهي فترة جميلة بلا شك مقارنة بما تبعها من مسؤوليات وهموم الحياة التي لم تكن من اهتماماته بينما كان طفلا همه الأكبر هو اللعب والاستمتاع بالوقت، ولا هي كانت كبيرة ومرهقة بينما هو شاب يتوقد حماسة ويلتهب نشاطاً.

إذاً فما كان في صغرنا بساطة ومتعة، كان في نظر آبائنا مسؤولية وواجب يبذل من أجله كل الوقت والجهد. فاللعبة البسيطة واللقمة الهنية لم تكن سهلة المنال في الزمن الجميل، والعيش في بيت الطين لم يكن بالنسبة للآباء والأمهات دليل راحة بال وهدوء نفس، بل كان هم يلاحقهم كل عام! أي نعم.. فمن لا يدرك نفسه مبكراً ويرمم بيت الطين قبل فصل الشتاء فربنا يبيت في العراء أو في بيت بلا سقف يحميه وأولاده من أمراض البرد والشتاء.

Screenshot from 2018-02-13 07-22-16

بالتأكيد كانت طفولتنا أجمل وشبابنا أكثر نضارة، لكنها الحياة! نعيشها بمراحلها المتتالية، وكذا الأجيال. كل جيل يعتقد أنه كان خيراً من سالفه، وهذا في تقديري مجازي ولا يعكس كافة مراحل الأجيال وتتابعها. صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: “خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ ” وهذا لا مبنى على فكرة أن أفضل الأجيال على الإطلاق هو جيل النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى الصحابة الكرام ثم التابعين ثم تابعيهم، لكن ذلك لا يعني بالمطلق أنه لن يأتي أفراد يكونوا في علمهم مثلا أفضل من علم بعض التابعين، أو لن يأتي رجل من آخر الزمان في قوته وعدله وحكمه خير من سلفه! ومعلوم أن الإمام الشافعي مثلا لم يكن من التابعين بل إنه على الراجح لم يلتق بأحدهم، ولكنه كان أعلم الناس وأحفظ الناس في زمانه، بل فاق كثيراً من سبقوه في ملكة العلم والفهم، حتى قال عنه الإمام أحمد بن حنبل: “كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس” بل قد اعتبره العارفون أنه إمام قريش الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث:”عالم قريش يملأ الأرض علماً”.

وأنا أقول أننا أمام جيل بحاجة لمن يفهمه لكي يوجهه، فلكل جيل خصائصه التي شكلته وبيئته التي أكسبته مميزات قد لا تتوفر للسابقين ولن تتوفر للاحقين. فالإنسان إجمالاً هو ابن زمانه وابن بيئته، فمثلا هذا الجيل تصوغ فكره الأخبار والمتابعات اليومية؛ فلا هدوء ولا فرصة للتأمل! ولكن الله ييسر لكل جيل ما يناسبه من الفعل والإبداع

هذا الجيل تصوغ فكره الاخبار والمتابعات اليومية ..فلا هدوء ولا فرصة للتأمل! لكن الله ييسر لكل جيل ما يناسبه من الفعل والإبداع. #تأملات_حياة

Screenshot from 2018-02-13 07-26-29

وعلى ذلك يلزمنا أن نكون على ثقة أن هذا الجيل هو الأنسب لزمانه بقدر ما كان آباؤنا هم الأنسب لزمانهم، بلا غلو ولا تطرف في النظر إلى ضعف هنا أو هناك، فالجيل الذي حمل الحجارة في وجه الجندي الصهيوني المدجج بالسلاح كان قادراً على أن يثبت أنه ملائم لزمان شاع فيه القول بأن الكف لا تواجه المخرز، والجيل الذي خرج إلى شوارع العواصم العربية ليطالب بالحرية يستحق أن يرفع له السابقون القبعة إكراماً لشجاعة افتقدوها أو لم يستطيعوا أن يدركوها زمن الشيوعية والقومية والشعارات الوطنية الكاذبة.

الجيل القادم هو الأنسب لزمانه .. كما كان آباؤنا هم أنسب لزمانهم .. وكذا نحن!. #تأملات_حياة

Screenshot from 2018-02-13 07-28-07

فكرة واحدة على ”لكل جيل طريقته في التعامل مع الحياة.. فلا تضيقوا على أنفسكم بمجاراة الأجيال الأخرى

Leave a Reply أترك ملاحظتك